نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: اعتِذّاراتٌ واعتِرَافَاتٌ مُتأخّرَة .. نُـور مؤيد الجندلي ليست السبت يونيو 09, 2012 12:18 pm | |
| اعتِذّاراتٌ واعتِرَافَاتٌ مُتأخّرَة .. |
| نُـور مؤيد الجندلي
| ليست مجرّد أخطاء سلّمنا بها، وتشربناها حدَّ النُّخاع في الأدب .. إنها حيل انطلت علينا، وصدّقناها .. صفّقنا لها بحرارة وحماس، بل وأصبحنا من المروّجين لها بكلّ أسف ! عُذراً .. فالمقامُ هنا لا يتّسعُ للحصر .. والمجالُ أوسعُ من أن يحصره مقال بسيط، بقلمٍ متواضع يخطّه في فجرٍ نقي .. لكنّها رغبة داخليّة في أن أخطّ اعترافات، أو لنقل .. اعتذرات من نوع آخر تحملُ بصمة هذا الجيل .. قد يبدو الموضوع للوهلة الأولى مستهجناً أو غريباً، ولكن ما قد يشفع له كونه حقيقي وصادق إلى أبعد حد.. حدّثونا ذات نكسة عن الإبداعِ في الأدب، وأخذونا إلى عالم الروايات السّاحر، قدّموا لنا أطباقاً مجمّدة من أدب رديء، وقالوا لنا : تذوقوا هذا الطّبق، وإن لم يعجبكم فتأكدوا أن هنالك عطب ما في أذواقكم .. إنه أدبٌ ملتزم، وإن قرأتم فيه ما يُثيرُ الغرائز، إنها حركة مدروسة من كاتبٍ بارعٍ أراد تجسيد روايته بواقعيّة فذّة .. تمالكوا أنفسكم من الانزعاج، ومشاعركم .. لا تسمحوا لها بالاشمئزاز .. فهذا هو الأدب الرّفيع، كلما مثّل الواقع بأبعاده كان أفضل، ولا علاقة لنا بالآثار السلبية، فالنوايا الطيبة تشفع ! ثم إنهم قد لاحظوا بأنَّ الطبق كان ثقيلاً عسير الهضم، فأكدوا لنا أنها حالة مرضيّة قد تحدث فقط في البداية إلى حين أن نعتاد الطعم، وأكرمونا بطبق من حلوى .. ولست أدري هل باتت حلوى اليوم الدارجة بطعم مُرّ ؟! كيف لنا أن نستمرئ هذا النّص المحشو بكثيرٍ من بقول الرمز التي أقنعونا بأنها فاكهة ، فتناولناها على مضض ولم نستطع أن نقول لهم شكراً .. فقد ابتلعنا طعاماً غريباً لم نألفه في مجتمعنا، ولا طهته لنا يوماً جداتنا ولا اشتراه أجدادنا .. طبق لا نعرف مقاديره ولا مكوناته، وحتى طريقة إعداده .. وإن صدقنا أكثر .. لم نرد أن نعرف عن تلك الحلوى أكثر مما عرفناه .. إذ أنها قد صُنعت بطريقة غامضة، فأتخمنا ذاك الغموض، وأصبحت أعراض المرض في ملامحنا تزداد سوءً .. حدّقوا إلينا بغرابة وقالوا : أنتم العرب لم تحبوا التطور يوماً ولا تاقت نفوسكم للتغيير .. حتى كلامكم فجٌّ مباشر لا صنعة فيه ولا مهارة، وحديثكم دربٌ واحد لا يحرّك جلساءكم لأن ينصتوا، ولا يولد فيهم مشاعر الاكتشاف .. أخذونا في دوامة طويلة من النقاش العقيم، أقحموا فيه المباشرة في زنزانة مظلمة، كبّلوها بالسلاسل وقد اعتبروها الجانية الأولى على الأدب، وصفوا أهلها بالإرهاب .. إرهاب القارئ وأهل الأدب .. رددوا ذلك طويلاً حتى ظننا أن المباشرة شيءٌ قبيحٌ، والإقدام على جريمة أرحم من اقترافها، والأولى بأديب بارع أن يترفع عن جمودها ويساير لغة العصر بحذافيرها .. صفقوا طويلاً لأسماء صنعوها بأيديهم، استعملوا من أجلها طاقات شتّى حتّى تلمع، ولمّا انتشر بريقها باتت مثلاً أعلى لهذا الجيل .. والكلُّ بات يشيد، والكل بات يقلّد ..! أيُّ شجاعٍ يمكنه أن يفتح فمه فيقول بأن الأديب الفلاني قد أخطأ هنا، وزلّ قلمهُ هناك ؟! أيُّ فدائي قد يجرؤ على مواجهة سيل من مديح كبار النّقاد، فيبين حصول خطأ شرعي، أو آخر عقدي ، أو ثالث يتنافى مع مبادئ الإسلام ؟! الصّمتُ أو التجاهل .. وربما قلّة العلم قد أفسحت ذاك المجال الواسع لتوغل الخطأ في أرضنا .. ذاك خطأ اقترفوه في زمانهم .. والقبول والتسليم بكلّ ما يقدمه الإعلام لنا، وتناوله بشهية مفتوحة حتى وإن علمنا أن ما نتناوله سُماً .. هي الجريمة التي نقترفها كلّ لحظة .. ونحنُ نكتبُ بذات الصّيغة، ونكرر ذات الأخطاء، ونثني على العيب الذي زيّنوه .. وتستمرُّ حكاية الإسفاف ..! هذا ما أردتُ أن أعترف به، وأن أعتذر عنه .. بكل بساطة، بكل وضوح، بلغة يفهمها الجميع .. لكي لا أدع للرمز مجالاً أن يلتفّ حول حرفي فيخنقه .. ها أنا أكتبُ بصراحة .. نريدُ أدباً حقيقياً صادقاً يحملُ كل معاني الإنسانيّة والأصالة .. بلغة العصر .. نريدُ أن نسكب حبراً يعالجُ قضايانا، فلا يقعدنا في فراش المذلة مرّتين .. نحتاج الأرقى والأسمى والأصحَّ والأنسب لنا .. رداء يمثّلنا نحنُ كما نحن .. بلونٍ أبيض لا غبار عليه نقدّمه بفخر فيكونُ الرّوح الحقيقيّة التي تصوبُ مسار الأمس برونق اليوم .
|
| |
|