نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: طيور الجنَّة .. الخميس يونيو 14, 2012 9:59 am | |
| طيور الجنَّة .. |
| نور الجندلي
| السّماءُ تُمطِرُ لهباً ..! قالها مُبتسماً يتحدّى كلّ العُنف في بسمة ! ويسخرُ من عتادهم ، وعدّتهم ، في بسمة ! ويسيرُ مرفوع الرّأس في الطرقات المحمومة ظلماً وبطشاً ، فلا يهتزُّ له جفنٌ جزعاً ، ولا ينبضُ القلب خوفاً أو فزعاً .. هو فارسٌ بلا جواد ، فقد امتطى جواد الشجاعة في زمن الجُبناء .. طفلٌ في المرحلة الابتدائية مازال .. لكنّهُ في الحقيقة رجلٌ في ثيابِ طفل ، أو بالأحرى .. بطلٌ في هيكل طفل ! مُذ فتح عينيه على الحياة ودبّت على الأرض قدماه حتى طار قلبه شوقاً إلى المدرسة ..
طريقٌ مفروشٌ بالبروق والرعود الصهيونية ، تطلقها بهمجيّة على الطرقات الشعبية الهادئة .. كلّ رصاصة منها تتمنى خرق رأس طفل فلسطينيّ ، أو إيقاف النبض في قلبه ! فالطفل الفلسطينيُّ عنوانُ أملٍ قادم ، زلزال قادم ، ورعب يتنامى ليفتكَ بظالم عرف عاقبته لكنه استكبر عن اعترافٍ بالحقيقة ، فما خضع لمحكمة العدل ، ولا كفّ عن إلحاق الكيدِ والبؤس بالشعب المناضل ..
في المدرسة يزدحم الطلاب في المقاعد ، فلا أماكن تكفي ، ولا أموال تفي لبناء جديد قد تهدمه الصواريخ المتنعنّتة في ثوان .. المعلمة تعلمهم نشيد الوطن ، وترفعُ صوتها قليلاً لعله يُنسيهم أصوات الموتِ في الخارج ..
هكذا .. ودون إنذار ينطلق صاروخ غاشم ، بلا رقيب ، ولا حسيب ، يُوجّه إلى المكان المطلوب .. ملجأ ، مدرسة ، مستشفى أو مستوصف .. لا يُهمّ ! المهم قتل أعدادٍ أكبر ، في وقت أقلّ .. والمهمّ أيضاً فرض السيطرة بالقوة ، واغتصاب الحقوق من أصحابها بلا ثمن ! ويمضي الصغار في فزع .. فارس آخرهم ، لا يتحرك حتى يطمئن على نجاة الجميع .. - الحمد لله .. هذه المرة لم يصب أحدٌ بسوء ...... إلا جدران صفي الحبيب فقد تشققت ، وتحطم البلور الذي كنا نرى من خلاله بعض حياة في الخارج .
فارسٌ في الحيّ يبتسم ، يسخر منهم بأسلوبه الطفولي ، ويمسك حجارة يقذفها في اتجاههم ، ويضحك كثيراً عليهم وهم يهربون كالجرذان .. فارسٌ على مقاعد الدراسة يبتسم ، لوجه فلسطين يراه في معلمته ، تنشد لحن الشهادة .. تلوحُ له الجنّة .. ما أجملها !! ويبتسم ..!
فارسٌ يمضي إلى البيت جائعاً ، يبحثُ عن لقمة تسدّ رمقه .. وتصرخُ أصواتٌ في معدته ألماً وجوعاً ، فيضمها بكلتا يديه بحنان ، ويبتسم .. غداً سنأكل طعاماً شهياً ، وسأطعمكِ الشوكولاتة اللذيذة ، وكل ما تشتهين ..
وذات فجر ، والسماء تمطر لهباً ، يسرع فارس على غير عادته في الخروج من البيت .. قُبلةٌ على جبين الأم ، وأخرى على يد الوالد .. خطواتٌ إلى الخارج ، قذيفة تتبعها ، وتجمهرٌ شعبيٌّ حافل .. زغاريدٌ وتهاني .. لأهل الشهيد .. وبداية يوم في تشييع طفل بطل ، يشعّ وجهه نوراً ، وتبرقُ في محياه ابتسامة .. ليحلّق فرحاً بجناحيه مع طيور الجنّة .. !
وفي ذات التوقيت ..
تعجّ الطرقات العربيّة صخباً ..يتذمّر فادي من ذهابه اليومي إلى المدرسة .. دروسٌ مملة ! وتاريخٌ ممل ! ومعلمة كئيبة .. بضجر يقول .. مصروف جيبي لا يكفيني .. أريدُ المزيد ! حذائي اشتريته منذ شهر ، لم يعد ينفع ، سأرميه في أقرب حاوية .. وسأجهز نفسي مساءً لأذهب إلى المدينة الترفيهيّة ، وسأعود وقد حضّرتِ لي كعكة شهيّة ، وأصنافاً أخرى تختلفُ عن عشاء الأمس .. وسأدخل كل مواقع الألعاب في شبكة الإنترنت ، وسأبقى عابساً .. لا تسأليني لمَ ؟ وما السبب ؟ فأنا كئيبٌ كئيب .. أنا محروم من كل حقوقي الإنسانيّة !
|
| |
|