نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: حُفاة .. وتَلسَعُ الحَقيقَة أقدَامنَا .. السبت يونيو 09, 2012 12:13 pm | |
| حُفاة .. وتَلسَعُ الحَقيقَة أقدَامنَا .. |
| نُـور مؤيد الجندلي
| تأخذنا العاطفة بعيداً، لتنسينا حقيقة ماثلة أمامنا، لا يمكن أن نمحوها من صفحات التاريخ المشرقة، ولا أن نتغاضى عنها، لأنها شمس لا يمكنها أن تتوارى خلف غيوم، تجعلنا نرفع رايات التكريم، ونقلّد أوسمة الشجاعة، ونهتف باسم حذاء، تاركين الحجر جانباً .. صورة أهلنا في غزّة لم تفارقني لحظة، بل صورة الشعب الفلسطيني المناضل ككل ظلت عالقة في مخيلتي، وأن أراقب حذاء الزيدي يطير بلهفة لتحيّة وجه المعتدي، ثم ينكفئ ويتهاوى أرضاً، لينطلق الآخر كقذيفة، يتفاداها بجبن، لتصيب قلب العلم الأمريكي فيوصل إليه الرسالة، رمزيّة مختصرة رائعة، تغني عن كثير من كلام وطويل خطاب حول وجع الشعب العراقي مما أحدثه الأمريكان من دمار .. كأني بالوجع الناطق عبر الحذاء قد اتحد مع وجع الحجارة، فكلاهما شيئان دون اهتمام العالم، وكلاهما قد أحدثاً ثورة، ونقلة نوعيّة في القلوب والمشاعر وردّات الأفعال.. غير أننا قد تعاطفنا كثيراً مع الأحذية، ورفعناها عالياً، قدّمنا لأجلها المبالغ الباهظة، وتمنينا عرضها في المتاحف العالمية، تغنينا بها في قصائدنا، ونسجنا القصص من بطولتها، وقضينا الأمسيات حتى الفجر ننصت للتعليقات والتنويهات، التصريحات والتحقيقات، وحتى النكات والألعاب.. جنّدنا مئات المحامين ليترافعوا في قضية رمي الحذاء، ويا أسفاً .. من يترافع من أجل انتفاضة الحجر، كل عام تتجدد، وتحصد الشهداء والأرامل والأيتام .. وكثير من الأزمات مما نعرفها ومالا نعرفها .. كلّ يوم تتهاوى مئات الحجارة في وجوه الأعداء، تنطق بذات الثورة والحميّة، بذات اللهفة للنصر، وذات الغضب من الظَّلَمة .. لترسل رسالتها للعالم .. " لسنا عزّلاً أو ضعفاء .. فحين تسكننا الشجاعة لا يمكن لسلاح أن يغتصبها، ولا لتهديد أن يسلخها عنا .. فقد أصبحنا كلاً متجانساً .. " .. كيف أمكننا الصّمت، والحجر الصامت قد نطق، وحكى بحزن قصّته ؟ كيف شُغلنا عن أهل غزّة ؟ وواحدهم لا يقذف بحذائه فحسب في وجوه العدو، بل يقذف بروحه لا يبالي حين تتمزق أشلاء، ويسقط شهيداً .. مادام موقناً أنه بخطواته يحدثُ صرخة في العالم الأخرس .. كيف طاب لنا أن نحتفي ببطل واحد صرخ من أجل كرامته، لننسى كرامة شعب آخر تنتهك، ووطناً يذبح،وهم الذين مازالوا يطرحون قضيتهم على مسامعنا فنصم الآذان، ويسقون الأرض المباركة بدموعهم ودمائهم، فنغض الطرف ونتجاهل بأننا لم نسمع ولم نشاهد ولم نتألم ..! إننا شعب يهوى الانتصارات الجاهزة، والبطولات المستوردة، نجيد التصفيق طويلاً لما يقوم به الآخرون، لما اعتبرناه قضاياهم الشخصيّة، نتغنى بذلك، ثم نغفو .. ونبقى في ذات المكان، بلا حراك، بلا قضيّة حقيقية تتملكنا، نستمر بالتأمل والتصفيق، فلا نحدث أنفسنا بأن نحدث تغييراً أو نهضة .. قد سمحنا للخواء أن يسكننا ففعل بجدارة، واستسلمنا لواقعنا المرير، ومازلنا نستقبل المواقف ونحن نهلل، ولكم يعجبنا دور المتفرج السلبي .. فياليتنا نتقدم للأمام خطوة، ليتنا نحول واقعنا إلى عمل وبناء، لاشك وأن هتافاتنا ستغدو أصدق، وشعاراتنا ستصل لأهلها أعمق، وقد استبدلنا الركود بحجارة من شجاعة، نقذف بها في وجه كل عدو يحاول أن ينال منا .. من فكرنا، من عقولنا ومن ديننا .. وليتنا نصنع من الأوهام حذاء نلقيه خلف ظهورنا لنسير حفاة الأقدام، لعل شمس الواقع تسلط على دروبنا، فتلسعنا الحقيقة، وندوس على أشواك القهر بإصرار على تجاوزها .. سنمضي حفاة ليصقلنا الألم، ويفني الوجع .. ولنشعر أيضاً ببرد الكرامة تسري زكيّة في كل عضو من جسد أمتنا ..
|
| |
|