منتديات نور ومسك الاسلام
منتديات نور ومسك الاسلام
منتديات نور ومسك الاسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مربحبا بك يــا زائر مجموع مشاركاتك 0 اخر زيارة لك كانت الخميس يناير 01, 1970
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفــــوائد لابن القيم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:10 pm

الفــــوائد لابن القيم

‏بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على نبينا محمد
هذا الموضوع سنجمع فيه فوائد من كلام إبن القيم الجوزية
وسوف نضع كل ما كتبه هذا العالم الجليل هنا أو هناك ولن نختص بما يوجد في كتاب الفوائد فقط
سيغلق الموضوع لينظم ومن كان له فقرة يرسلها لي وإن شاء الله سنضعها
ونضع إسمه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:10 pm

الشيخ الامام محيي السنة و قامع البدعة ابو عبد الله ابن قيم الجوزية رحمه الله في كتابه الموسوم بالفوائد :
خلق بدن ابن ادم من الارض وروحه من ملكوت السماء وقرن بينهما .فاذا اجاع بدنه واسهره و اقامه في الخدمة وجدت روحه خفة وراحة فتاقت الى الموضع الذي خلقت منه واشتاقت الى عالمها العلوي .واذا اشبعه ونعمه و نومه واشتغل بخدمته وراحته اخلد البدن الى الموضع الذي خلق منه فانجذبت
الروح معه فصا رت في السجن فلولا انها الفت السجن لاستغاثت من الم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه كما يستغيث المعذب.
وبالجملة فكلما خف البدن لطفت
الروح وخفت وطلبت عالمها العلوي و كلما ثقل واخلد الى الشهوات و الراحة ثقلت الروح و هبطت من عالمها وصارت ارضية سفلية فترى الرجل روحه في الرفيق الاعلى وبدنه عندك فيكون نائما على فراشه وروحه عند سدرة المنتهى تجول حول العرش و اخر واقف في الخدمة ببدنه وروحه في السفل تجول حول السفليات.....
فاثر احسن المعيشتين و اطيبهما و ادومهما و اشق البدن بنعيم
الروحولا تشقي الروح بنعيم البدن فان نعيم الروح و شقاءها اعظم و ادوم و نعيم البدن و شقاؤه اقصر و اهون والله المستعان.

نقل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:10 pm


( في الطريق إلى الله تعالى )

بين العبد وبين الله والجنة قنطرة تقطع بخطوتين خطوة عن نفسه وخطوة عن الخلق ، فيسقط نفسه ويلغيها فيما بينه وبين الناس ، ويسقط الناس ويلغيهم فيما بينه وبين الله فلا يلتفت إلا إلى من دله على الله وعلى الطريق الموصلة إليه.

صاح بالصحابة واعظُ ( اقترب للناس حسابهم )- الأنبياء17- فجزعت للخوف قلوبهم فجرت من الحذر العيون (فسالت أوديةٌ بقدرها)-الرعد17- تزينت الدنيا لعلي ، فقال : أنت طالقٌ ثلاثاً لارجعة لي فيك ، وكانت تكفيه واحدة للسنة، لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور الهوى جواز المراجعة ، ودينه الصحيح وطبعه السليم يأنفان من المحلل ، كيف وهو أحد رواة حديث " لعن الله المحلل ".

مافي هذه الدار موضع خلوة فاتخذه في نفسك ، لابد أن تجذبك الجواذب فاعرفها وكن منها على حذر، لا تضرك الشواغل إذا خلوت منها وأنت فيها ، نور الحق أضوأ من الشمس فيحق لخفافيش البصائر أن تعشو عنه ، الطريق إلى الله خال من أهل الشك ومن الذين يتبعون الشهوات ، وهو معمور بأهل اليقين والصب ، وهم على الطريق كالأعلام ( وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) – السجدة 24 -.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:10 pm


{ قاعدةٌ جليلةٌ }
( ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

من اشتغل بالله عن نفسه ، كفاه الله مؤونة نفسه ، ومن اشتغل بالله عن الناس ، كفاه الله مؤونة الناس ، ومن اشتغل بنفسه عن الله ، وكله الله إلى نفسه ، ومن اشتغل بالناس عن الله ، وكله الله إليهم .
( في علامة صحة الإرادة)
علامة صحة الإرادة : أن يكون هم المريد رضى ربه ، واستعداده للقائه ، وحزنه على وقت مر في غير مرضاته وأسفه على قربه والأنس به . وجماع ذلك أن يصبح ويمسي وليس له هم غيره.
( من عجائب أحوال الخلق)
قال يحيى بن معاذ : عجبت من ثلاث : رجلٌ يرائي بعمله مخلوقاً مثله ويترك أن يعمله لله ، ورجلٌ يبخل بماله وربه يستقرضه منه فلا يقرضه منه شيئاً ، ورجلٌ يرغب في صحبة المخلوقين ومودتهم ، والله يدعوه إلى صحبته ومودته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:11 pm

الطريق إلى الله فى الحقيقة واحد لا تعدد فيه
(ابن القيم)
، الناس قسمان: علية وسفلة. فالعلية من عرف الطريق إلى ربه وسلكها قاصداً الوصول إليه، وهذا هو الكريم على ربه. والسفلة من لم يعرف الطريق إلى ربه ولم يتعرفها، فهذا هو اللئيم الذى قال
اللهتعالى فيه: {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مَكْرِمٍ} [الحج: 18].

والطريق إلى الله فى الحقيقة واحد لا تعدد فيه، وهو صراطه المستقيم الذى نصبه موصلاً لمن سلكه إليه، قال الله تعالى: {وأَنَّ هذا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُل} [الأنعام: 153]، فوحد سبيله لأنه فى نفسه واحد لا تعدد فيه، وجمع السبل المخالفة لأنها كثيرة متعددة، كما ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم خط خطا ثم قال: "هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره ثم قال: هذا سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سبِيلِهِ} [الأنعام:153]" ومن هذا قوله تعالى: {اللهُ وَلَى الَّذِينَ آمَنُوا يَخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257]، فوجد النور الذى هو سبيله وجميع الظلمات التى هى سبيل الشيطان.
ومن فهم هذا فهم السر فى إفراد النور وجمع الظلمات فى قوله تعالى: {الْحَمْدُ للهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام:1] مع أن فيه سراً أَلطف من هذا يعرفه من يعرف منبع النور ومن أَين فاض وعماذا حصل وأن أَصله كله واحد، وأَما الظلمات فهى متعددة بتعدد الحجب المقتضية لها، وهى كثيرة جداً، لكل حجاب ظلمة خاصة، ولا ترجع الظلمات إلى النور الهادى جل جلاله أصلاً لا وصفاً ولا ذاتاً ولا اسماً ولا فعلاً، وإِنما ترجع إلى مفعولاته سبحانه، فهو جاعل الظلمات ومفعولاتها متعددة متكثرة، بخلاف النور فإنه يرجع إلى اسمه وصفته جل جلاله، تعالى أن يكون كمثله شيء وهو نور السموات والأرض.


قال ابن مسعود: ليس عند ربكم ليل ولا نهار، نور السموات والأَرض من نور وجهه ذكره الدارمى عنه. وفى صحيح مسلم عن أبى ذر قلت: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ قال: نور، أَنَّى أَراه،.
والمقصود أن الطريق إلى الله تعالى واحد، فإنه الحق المبين والحق واحد، مرجعه إلى واحد. وأما الباطل والضلال فلا ينحصر، بل كل ما سواه باطل، وكل طريق إلى الباطل فهو باطل، فالباطل متعدد، وطرقه متعددة.


وأما ما يقع فى كلام بعض العلماء أَن الطريق إلى الله متعددة متنوعة جعلها الله كذلك لتنوع الاستعدادات واختلافها، رحمة منه وفضلاً، فهو صحيح لا ينافى ما ذكرناه من وحدة الطريق.وكشف ذلك وإيضاحه أن الطريق وهى واحدة جامعة لكل ما يرضى الله، وما يرضيه متعدد متنوع فجميع ما يرضيه طريق واحد، ومراضيه متعددة متنوعة بحسب الأَزمان والأَماكن والأَشخاص والأَحوال، وكلها طرق مرضاته، فهذه التى جعلها الله سبحانه لرحمته، وحكمته كثيرة متنوعة جداً لاختلاف استعدادات العباد وقوابلهم، ولو جعلها نوعاً واحداً مع اختلاف الأَذهان والعقول وقوة الاستعدادات وضعفها لم يسلكها إلا واحد بعد واحد، ولكن لما اختلفت الاستعدادات تنوعت الطرق ليسلك كل امريءٍ إلى ربه طريقاً يقتضيها استعداده وقوته وقبوله.


ومن هنا يعلم تنوع الشرائع واختلافها مع رجوعها كلها إلى دين واحد بل تنوع الشريعة الواحدة مع وحدة المعبود ودينه، ومنه الحديث المشهور: " الأَنْبِيَاءُ أَوْلادُ عَلات دينهم واحد"، فأولاد العلات أن يكون الأب واحداً والأُمهات متعددة، فشبه دين الأنبياء بالأب الواحد وشرائعهم بالأمهات المتعددة، فإنها وإن تعددت فمرجعها كلها إلى أب واحد.
وإذا علم هذا فمن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الذى يعد سلوكه إلى الله طريق العلم والتعليم، قد وفر عليه زمانه مبتغياً به وجه الله فلا يزال كذلك عاكفاً على طريق العلم والتعليم حتى يصل من تلك الطريق إلى الله ويفتح له فيها الفتح الخاص أو يموت فى طريق طلبه فيرجى له الوصول إلى مطلبه بعد مماته.
قال تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ على الله} [النساء: 100].
وقد حكى عن جماعة كثيرة ممن أدركه الأجل وهو حريص طالب للقرآن أَنه رؤى بعد موته وأخبره أنه فى تكميل مطلوبه وأنه يتعلم فى البرزخ، فإِن العبد يموت على ما عاش عليه. ومن الناس من يكون سيد عمله الذكر وقد جعله زاده لمعاده ورأْس ماله لمآله، فمتى فتر عنه أَو قصر رأَى أَنه قد غبن وخسر، ومن الناس من يكون سيد عمله وطريقه الصلاة، فمتى قصر فى ورده منها أَو مضى عليه وقت وهو غير مشغول بها أَو مستعد لها أَظلم عليه وقته وضاق صدره.


ومن الناس من يكون طريقه الإحسان والنفع المتعدى، كقضاءِ الحاجات وتفريج الكربات وإِغاثة اللهفات وأنواع الصدقات، قد فتح له فى هذا وسلك منه طريقاً إلى ربه. ومن الناس من يكون طريقه تلاوة القرآن وهى الغالب على أَوقاته وهى أعظم أورداه. ومن الناس من يكون طريقه الصوم، فهو متى أفطر تغير عليه قلبه وساءَت حاله.


ومنهم يكون طريقه الأَمر بالمعروف والنهى عن المنكر قد فتح الله له فيه ونفذ منه إلى ربه، ومنهم من يكون طريقه الذى نفذ فيه الحج والاعتمار. ومنهم من يكون طريقه قطع العلائق وتجريد الهمة ودوام المراقبة ومراعاة الخواطر وحفظ الأَوقات أن تذهب ضائعة.
ومنهم من جامع المنفذ السالك إلى الله فى كل واد الواصل إليه من كل طريق، فهو جعل وظائف عبوديته قبلة قلبه ونصب عينه يؤمها أَين كانت ويسير معها حيث سارت قد ضرب من كل فريق بسهم، فأَين كانت العبودية وجدته هناك: إِن كان علم وجدته مع أَهله، أَو جهاد وجدته فى صف المجاهدين، أَو صلاة وجدته فى القانتين، أَو ذكر وجدته فى الذاكرين، أَو إحسان ونفع وجدته فى زمرة المحسنين، أَو ومراقبة ومحبه وإنابة إلى الله وجدته فى زمرة المحبين المنيبين، يدين بدين العبودية أَنَّى استقلت ركائبها،ويتوجه إليها حيث استقرت مضاربها، لو قيل له: ما تريد من الأعمال؟ لقال: أريد أن أنفذ أوامر ربى حيث كانت وأين كانت جالبة ما جلبت مقتضية ما اقتضت جمعيتين أو فرقتين أو فرقتنى، ليس لى مراد إلا تنفيذها والقيام بأدائها مراقباً له فيها عاكفاً عليه بالروح والقلب والبدن والسر قد سلمت إليه المبيع منتظراً منه تسليم الثمن: {إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة} [التوبة: 111]، فهذا هو العبد السالك إلى ربه النافذ إليه حقيقة
ومعنى النفوذ إليه أن يتصل به قلبه ويعلق به تعلق المحب التام المحبه بمحبوبه فيسلو به عن جميع المطالب سواه، فلا يبقى فى قلبه إلا محبة الله وأمره وطلب التقريب إليه. فإذا سلك العبد على هذا الطريق عطف عليه ربه فقربه واصطفاه وأَخذ بقلبه إليه وتولاه فى جميع أموره فى معاشه ودينه وتولى تربيته أحسن وأبلغ مما يربى الوالد الشفيق ولده، فإِنه سبحانه القيوم المقيم لكل شيء من المخلوقات طائعها وعاصيها، فكيف تكون قيوميته بمن أَحبه وتولاه وآثره على ما سواه، ورضى به من الناس حبيباً ورباً، ووكيلاً وناصراً ومعيناً وهادياً، فلو كشف الغطاءَ عن ألطافه وبره وصنعه له من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم لذاب قلبه حبا ًله وشوقاً إليه ويقع شكراً له، ولكن حجب القلوب عن مشاهدة ذلك إخلادها إلى عالم الشهوات والتعلق بالأسباب، فصدت عن كمال نعيمها، وذلك تقدير العزيز العليم.


وإلا فأى قلب يذوق حلاوة معرفة الله ومحبته ثم يركن إلى غيره ويسكن إلى ما سواه؟ هذا ما لا يكون أبداً، ومن ذاق شيئاً من ذلك وعرف طريقاً موصلة إلى الله ثم تركها وأقبل على إرادته وراحاته وشهواته ولذاته وقع فى آثار المعاطب وأودع قلبه سجون المضايق وعذب فى حياته عذاباً لم يعذبه أحد من العالمين، فحياته عجز وغم وحزن، وموته كدر وحسرة، ومعاده أسف وندامة، قد فرط عليه أمره وشتت عليه شمله، وأحضرت نفسه الغموم والأحزان، فلا لذة الجاهلين ولا راحة العارفين، يستغيث فلا يغاث ويشتكى فلا يشكى، فقد ترحلت أفراحه وسروره مدبرة وأقبلت آلامه، وأحزانه وحسراته مقبلة، فقد أُبدل بأُنسه وحشه وبعزه ذلاً وبغناه فقراً وبجمعيته تشتيتاً، وأبعدوه فلم يظفر بقربهم، وأبدلوه مكان الأنس إيحاشاً، ذلك بأنه عرف طريقه إلى الله ثم تركها وناكباً عنها مكباً على وجهه، فأبصر ثم عمى وعرف ثم أَنكر وأَقبل ثم أَدبر ودعى فما أَجاب وفتح له فولى ظهره الباب، قد ترك طريق مولاه وأَقبل بكليته على هواه، فلو نال بعض حظوظه وتلذذ براحاته وشئونه فهو مقيد القلب عن انطلاقه فى فسيح التوحيد وميادين الأُنس ورياض المحبة وموائد القرب، قد انحط بسبب إعراضه عن إلهه الحق إلى أسفل السافلين، وحصل فى عداد الهالكين فنار الحجاب تطلع كل وقت على فؤاده، وإعراض الكون عنه- إذ أعرض عن ربه- حائل بينه وبين مراده، فهو قبر يمشى على وجه الأرض فروحه فى وحشة من جسمه وقلبه فى ملال من حياته، يتمنى الموت ويشتهيه ولو كان فيه ما فيه، حتى إذا جاءه الموت على تلك الحال والعياذ بالله فلا تسأل عما يحل به من العذاب الأَليم بسب وقوع الحجاب بينه وبين مولاه الحق وإحداقه بنار البعد عن قربه والإعراض عنه وقد حيل بينه وبين سعادته وأمنيته.


فلو توهم العبد المسكين هذه الحال وصورتها له نفسه وأَرته إياها على حقيقتها لتقطع والله قلبه ولم يلتذ بطعام ولا شراب، ولخرج إلى الصعدات يجأَر إلى الله ويستغيث به ويستعتبه فى زمن الاستعتاب، هذا مع أنه إذا آثر شهواته ولذاته الفانية التى كخيال طيف أو مزنة صيف نغصت عليه لذاتها أحوج ما كان إليها، وحيل بينه وبينها أَقدر ما كان عليه، وتلك سنة الله فى خلقه كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضِ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ، كَذَلِكَ نُفصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، وهذا هو غب إعراضه وإيثار شهوته على مرضاة ربه، فيعوق القدر عليه أسباب مراده فيخسر الأمرين جميعاً، فيكون معذباً فى الدنيا بتنغيص شهواته وشدة اهتمامه بطلب ما لم يقسم له، وإن قسم له منه شيء فحشوه الخوف والحزن والنكد والألم، فهم لا ينقطع وحسرة لا تنقضى وحرص لا ينفد وذل لا ينتهى وطمع لا يقلع، هذا فى هذه الدار.
وأَما فى البرزخ فأضعاف أضعاف ذلك: قد حيل بينه وبين ما يشتهى، وفاته ما كان يتمناه من قرب ربه وكرامته ونيل ثوابه، وأحضر جميع غمومه وأحزانه. وأما فى دار الجزاء فسجن أمثاله من المبعودين المطرودين.

فواغوثاه ثم واغوثاه بغياث المستغيثين بأرحم الراحمين، فمن أعرض عن الله بالكلية أعرض الله عنه بالكلية، ومن أعرض الله عنه لزمه الشقاءُ والبؤس والبخس فى أحواله وأعماله وقارنه سوءُ الحال وفساده فى دينه ومآله، فإن الرب تعالى إذا أعرض عن جهة دارت بها النحوس وأظلمت أرجاؤها وانكسفت أنوارها وظهرت عليها وحشة الإعراض وصارت مأْوى للشياطين وهدفاً للشرور ومصباً للبلاءِ، فالمحروم كل المحروم من عرف طريقاً إليه ثم أَعرض عنها أَو وجد بارقة من حبه ثم سلبها لم ينفذ إلى ربه منه.
خصوصاً إِذا مال بتلك الإِرادة إِلى شيء من اللذات، وانصرف بجملته إلى تحصيل الأَغراض والشهوات عاكفاً على ذلك فى ليله ونهاره وغدوه ورواحه، هابطاً من الأَوج الأَعلى إلى الحضيض الأدنى، قد مضت عليه برهة من أَوقاته وكان همه الله وبغيته قربه ورضاه وإيثاره على كل ما سواه، على ذلك يصبح ويمسى ويظل ويضحى وكان الله فى تلك الحال وليه لأَنه ولى من تولاه وحبيب من أَحبه ووالاه فأَصبح فى سجن الهوى ثاوياً وفى أَسر العدو مقيماً وفى بئر المعصية ساقطاً وفى أَودية الحيرة والتفرقة هائماً، معرضاً عن المطالب العالية إلى الأَغراض الخسيسة الفانية، كان قلبه يحوم حول العرش فأصبح محبوساً فى أسفل الحش:

فأصبح كالبازى المنتّف ريشه ذيرى حسرات كلما طار طائر

وقد كان دهراً فى الرياض منعماً على كل ما يهوى من الصيد قادر

إلى أَن أَصابته من الدهر نكبة إذا هو مقصوص الجناحين حاسر

فيا من ذاق شيئاً من معرفة ربه ومحبته ثم أَعرض عنها واستبدل بغيرها منها، يا عجباً له بأى شيء تعرض وكيف قر قراره فما طلب الرجوع إلى أحنيته وما تعرض وكيف اتخذ سوى أحنيته سكناً، وجعل قلبه لمن عاداه مولاه من أجله وطناً.


أم كيف طاوعه قلبه على الاصطبار ووافقه على مساكنة الأغيار، فيا معرضاً عن حياته الدائمة ونعيمه المقيم، ويا بائعاً سعادته العظمى بالعذاب الأَليم، ويا مسخطاً من حياته وراحته وفوزه فى رضاه وطالباً رضى من سعادته فى إرضاء سواه، إِنما هى لذة فانية وشهوة منقضية تذهب لذاتها وتبقى تبعاتها، فرح ساعة لا شهر وغم سنة بل دهر، طعام لذيذ مسموم أَوله لذة وآخره هلاك، فالعامل عليها والساعى فى تحصيلها كدودة القز يسد على نفسه المذاهب بما نسج عليها من المعاطب، فيندم حين لا تنفع الندامة ويستقيل حين لا تقبل الاستقالة فطوبى لمن أقبل على الله بكليته وعكف عليه بإرادته ومحبته، فإن الله يقبل عليه بتوليه ومحبته وعطفه ورحمته، وإن الله سبحانه إذا أقبل على عبد استنارت جهاته وأشرقت ساحاتها وتنورت ظلماتها وظهرت عليه آثار إقباله من بهجة الجلال وآثار الجمال، وتوجه إليه أهل الملأ الأعلى بالمحبة والموالاة لأنهم تبع لمولاهم، فإذا أحب عبداً أحبوه وإذا والى والياً والوه، إذا أحب الله العبد نادى: يا جبرائيل إنى أُحب فلاناً فأحبه، فينادى جبرائيل فى السماءِ: إِن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يحبه أهل الأرض، فيوضع له القبول بينهم، ويجعل الله قلوب أوليائه تفد إليه بالود والمحبة والرحمة، وناهيك بمن يتوجه إليه مالك الملك ذو الجلال والإكرام بمحبته ويقبل عليه بأنواع كرامته، ويلحظ الملأُ الأعلى وأهل الأرض بالتبجيل والتكريم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ والله ذو الفضل العظيم.والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات الاحياء والاموات



نقل الموضوع لنا العضو :
نعمة محمد اسماعيل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
نورومسك الاسلام
Admin
نورومسك الاسلام


انثى
عدد المساهمات : 139
تاريخ التسجيل : 09/06/2012
العمر : 34

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالخميس يوليو 05, 2012 4:11 pm


لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا

لا تتم الرغبة في الآخرة إلا بالزهد في الدنيا, ولا يستقيم الزهد في الدنيا إلا بعد نظرين صحيحين: النظر في الدنيا وسرعة زوالها وفنائها واضمحلالها ونقصها وخسّتها, وألم المزاحمة عليها والحرص عليها, وما في ذلك من الغصص والنغص والأنكاد, وآخر ذلك الزوال والانقطاع مع ما يعقب من الحسرة والأسف, فطالبها لا ينفك من هم قبل حصولها, وهم في حال الظفر بها, وغم وحزن بعد فواتها. فهذا أحد النظرين.

(النظر الثاني) في
الآخرة وإقبالها ومجيئها ولا بد, ودوامها وبقائها, وشرف ما فيها من الخيرات والمسرات والتفاوت الذي بينه وبين ما ها هنا فهي كما قال سبحانه:{ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } الأعلى 17. فهي خيرات كاملة دائمة, وهذه خيالات ناقصة منقطعة مضمحلة. فإذا تم له هذان النظران آثر ما يقتضي العقل إيثاره, وزهد فيما يقتضي الزهد فيه. فكل أحد مطبوع على أن لا يترك النفع العاجل واللذة الحاضرة إلى النفع الآجل واللذة الغائبة المنتظرة, إلا إذا تبين له فضل الآجل على العاجل وقويت رغبته في الأعلى الأفضل فإذا آثر الفاني الناقص كان ذلك إما لعدم تبين الفضل له, وإما لعدم رغبته في الأفضل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://dini-al-islam.ahlamontada.com
رحيق الكلمات
Admin



انثى
عدد المساهمات : 41
تاريخ التسجيل : 05/07/2012
العمر : 33

الفــــوائد لابن القيم Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفــــوائد لابن القيم   الفــــوائد لابن القيم Emptyالجمعة يوليو 06, 2012 7:11 am

شكرا لك على الموضوع الجميل و المفيذ ♥

جزاك الله الف خير على كل ما تقدميه لهذا المنتدى ♥

ننتظر ابداعاتك الجميلة بفارغ الصبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفــــوائد لابن القيم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مبنى الدين على قاعدتين: الذكر والشكر(ابن القيم)
» النفوس ثلاثة: أَمارة، ولوامة، ومطمئنة(ابن القيم) النفوس ثلاثة: أ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات نور ومسك الاسلام :: منتديات نُورٌ ومِسك الإسلام :: منتديات نُورٌ ومِسك الإسلام-
انتقل الى: