نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: قلبٌ من زجاج نور الجندلي ليلةٌ أخرى تمرُّ ثقيلة ، منذ عام ..! الخميس يونيو 14, 2012 10:03 am | |
| قلبٌ من زجاج |
| نور الجندلي
| ليلةٌ أخرى تمرُّ ثقيلة ، منذ عام ..! عام مضى ولم تكتحل عيناي بفرحٍ ، ولا عيناها الجميلتان .. تتظاهر بأنها غافية ، توهمني بأنَّ الهموم قد سافرت عنها بعيداً ، لكنني ألمح الدمع يتحدر على خديها بصمتٍ باكٍ ، لا يقوَ نطقاً وسط جلبة العالم المتعمدة من حولها . تشيحُ بوجهها كي لا أراها ، وأبكي بصمتٍ ، كي لا تراني ، وتختنق الغرفة بحزنينا معاً ، فالحزن واحد ، والألم قد اتحد في قلبينا فانتشرت فيهما غابة حزن ، واعشوشبت نباتاتُ القهر السّامة ، وامتدّت فيهما بعيداً ، مع أننا حاولنا جاهدتين اقتلاعها . قد شاخت صغيرتي الرقيقة الحبيبة هبة قبلَ أوانها ، شاخت وهي تحملُ عبئاً ثقيلاً أقحمتها بهِ رُغماً عنّي ، ونعتاً قبّحه الناسُ وما قبّحه الدين ، فلا حول لي ولا قوة إذ ألامُ بأنّي مطلّقة ! حاولتُ مراراً إقناعها بأن الأمر لا عيب فيه ، إنما العيب من هذا المحيط الذي لا يرحم . ولكن .. أنّى لها أن تفهم ، فأعزّ صديقاتها تخلّت عنها حين أبعدتها الأمّ قسراً وهي تقول : - إنها المرّة الأخيرة التي ألمحكِ بها سائرة مع ابنة المطلّقة ! رمقتها بنظرات قوية ، حملتها كل حقد في الحياة ، فرّقت بين برعمي ورود ومضت .. وعادت هبة إلى حضني تبكي بمرارة شعور الظلم ، وقد مورس عليها ببطشٍ فحطم قلبها الزجاجي الرقيق ، لتتشظى فيه كلّ معان للسعادة.. صادقت من يومها الوحدة ، والأحزان ، وغدت هشة ، تكسرها الكلمة والنظرة ، يحرقها التلميح قبل التصريح ، يبكيها شعور بأنها أقل من الأخريات ! باتت تسألني أسئلة صعبة ، أحار لها جواباً .. - أمّي .. لم كان عليكِ أن تتركي والدي ؟ لقد كنتُ سعيدة هناك في بيتنا ، معكِ ومع أبي .. لم سمحتِ له أن يطلقكِ ؟ لم فعلتِ أيتها القاسية ! مسكينة هي .. مازالت تعتقد بأنّي الفاعلة ، وبأني تركته رغماً عنه ، هكذا أفهَمَها ، ولا زال يزرع الشّوك داخلها تجاهي .. لستُ أدري ما يريد ! لم لا يتركني وشأني ، يعيدها بعد كلّ زيارة له في حالة يرثى لها . أما زال يمنّي النفس بأن أعود بعد عام من القهر والألم والظلم ؟ لقد بتّ أخشى سماع اسمه ، فمعه ينحدر شلال اللوم والعتاب من الجميع إلى مالا نهاية ! الكلّ يلومُ في محكمة الحياة الزوجية المرأة ، لأنها تحملُ تهمة مطلّقة ، ولا محامٍ للدفاع ، فهي امرأة ، مقصوصة الجناح . من يدافع عن حقوقٍ لن تعود يوماً ؟ من يطبّب جراحات تزداد اتساعاً كلما كبرت هبة ! كانت هنا في بيت جدتها حين تشاجرنا ، تقضي النهار في مرح .. لم تدرك بأن الفرح سيغيب مع غروب شمس ذاك النهار .. كنتُ أنا وهو هناكَ .. في بيتنا ، اشتعل حريقُ الخلاف فتشاجرنا .. وببساطة من يتخلّى عن متاع رخيص ؛ فتح الباب وقال لي : حضري حقيبة ملابسكِ ، وملابس الطفلة ، فلست بعد الآن سيدة المنزل ، أنتِ طالق ! قرعت الكلمة أجراس قلبي المغيب في لحظة غضب ، عرفتُ بأنني فقدت كلّ شيء ، ولم أدرك – ولم يدرك هو أيضاً - بأنني سأفقد أغلى شيء في حياتي ، سعادة ابنتي . مسكينةٌ صغيرتي هبة ! قدرٌ عليها أن تعيش كسيرة رغم الإباء الذي زرعته في داخلها . بائسةٌ هي تحاولُ التّعلّق بأعواد الأمل الطافية على محيط حياتنا الصاخب بالموج العنيف ، لعلها تنجو . أعلمُ أنها تحاول إعادته في كل مناسبة ، وأنها عملت على تحريك جلمود قلبه ، قرأتُ في جهازي الخلوي رسائلها إليه ، حاولت أن ترسلها على أنني الفاعلة . نسيَت أن تحذف الرسالة الأخيرة إليه ، فاجأها وجودي فتعذّرت بأنها تبحث عن رقم معلمتها ، كي ترسل إليها رسالة حبّ ! رسائلُ حب كثيرة قد قرأتها في عيني هبة ، أو بالأحرى .. رسائل شكوى ! ورسالة يتيمة اكتشفتها مؤخراً مرسلة إلى أبيها .. عُد إلينا ، فنحن نحتاج إليك أيها الأب الطيب ! أسلوبها الطفولي لم يخفَ عليه ! لم يجبها ، مازلتُ ألمحها تتقلب في الفراش ، فقد خسرت جولة أخرى ! طلع الصباح وجفني لم يغمض أبحثُ عن حلّ ، عن نهاية لهذا النفق الذي سقطنا به معاً دون حول لنا أو قوة .. طرقاتٌ خفيفة على الباب أرعبتني .. نهضناً معاً .. أنا وهي .. تسابقنا إلى الباب الخارجي ، وحذر ممزوج برهبة يقيدنا . نظرتْ إليّ .. - هل أفتح ؟ أومأتُ لها بالإيجاب فركضت متشبثة بخيط رفيع للأمل أبقاها متيقظة حتى الفجر .. إنه هو .. كما توقعنا !! عانَقتْه بكلتا ذراعيها ، وحملها بحبٍّ آسرٍ وقبّل جبينها .. بصوتٍ هادئ لم أعهده قال لها : - اشتقتُ إليكِ أمسكَ يدها وهو يقول : - تعالي معي ، لن أدعكِ تنامين هنا ثانية . لدقيقة ظلت مخفية وجهها في صدره ، تقتاتُ حناناً . لم يلتفتا إلي ، ولم أنبس ببنت شفة . نظرَ إليّ وهو يخاطبها .. - أعدي حقيبتكِ لنعود إلى بيتنا .. أسرعت كطير مهاجر اشتاق وطنه إلى غرفتنا ، غابت وعادت تردي ثوب الفرح .. نظرت إلى عينيه وقالت : - وأمّي .. ألن تعود ؟! طبع قبلة جديدة على خدها الوردي وقال : - ستعودُ حتماً .. ثم استدرك قائلاً : - إن هي أرادت !
|
| |
|
نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: رد: قلبٌ من زجاج نور الجندلي ليلةٌ أخرى تمرُّ ثقيلة ، منذ عام ..! الخميس يوليو 05, 2012 4:59 pm | |
| | |
|
نورومسك الاسلام Admin
عدد المساهمات : 139 تاريخ التسجيل : 09/06/2012 العمر : 34
| موضوع: رد: قلبٌ من زجاج نور الجندلي ليلةٌ أخرى تمرُّ ثقيلة ، منذ عام ..! الخميس يوليو 05, 2012 5:03 pm | |
| | |
|